فصل: في رياض آيات السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

.قال إلكيا هراسي:

ومن سورة المدثر:
قوله تعالى: {وثِيابك فطهِّرْ}، الآية/ 4.
يدل على وجوب تطهير الثياب من النجاسات للصلاة.
وقال عكرمة: أمره أن لا يلبس ثيابه على عذرة، وذلك محتمل.
قوله تعالى: {ولا تمْنُنْ تسْتكْثِرُ}، الآية/ 6.
أي لا تمنن حسناتك عند اللّه تعالى مستكثرا، فينقصك ذلك عند اللّه تعالى. اهـ.

.قال القنوجي:

سورة المدثر:
ست وخمسون آية.
وهي مكية بلا خلاف.

.[الآيات: الأولى والثانية والثالثة]:

{وربّك فكبِّرْ (3) وثِيابك فطهِّرْ (4) والرُّجْز فاهْجُرْ (5)}.
{وربّك فكبِّرْ (3)}: أي واختص سيدك ومالكك ومصلح أمورك بالتكبير، وهو وصفه سبحانه بالكبرياء والعظمة، وأنه أكبر من أن يكون له شريك- كما يعتقده الكفار-، وأعظم من أن تكون له صاحبة أو ولد.
قال ابن العربي: المراد به تكبير التقديس والتنزيه لخلع الأضداد والأنداد والأصنام، ولا يتّخذ وليا غيره ولا يعبد سواه ولا يرى لغيره فعلا إلّا له ولا نعمة إلا منه.
{وثِيابك فطهِّرْ (4)}: المراد بها الثياب الملبوسة على ما هو المعنى اللغوي، أمره اللّه سبحانه بتطهير ثيابه وحفظها عن النجاسات وإزالة ما وقع فيها منها. وقيل: المراد بالثياب القلب.
وقال قتادة: النفس، وقيل: الجسم، وقيل: الأهل، وقيل: الدين.
قال الحسن والقرظي: الأخلاق، لأن خلق الإنسان مشتمل على أحواله اشتماله ثيابه على نفسه.
وقال مجاهد وابن زيد: أي عملك فأصلح.
وقال الزجاج: المعنى وثيابك فقصر لأن تقصير الثوب أبعد من النجاسات إذا انجر على الأرض. وبه قال طأووس. والأول أولى لأنه المعنى الحقيقي، وليس في استعمال الثياب مجازا عن غيرها لعلاقة مع قرينة ما يدل على أنه المراد عند الإطلاق، وليس في مثل هذا الأصل أعني الحمل على الحقيقة عند الإطلاق خلاف.
وفي الآية دليل على وجوب طهارة الثياب في الصلاة.
{والرُّجْز فاهْجُرْ (5)}: {الرجز}: معناه في اللغة العذاب، وفيه لغتان كسر الراء وضمها، وسمي الشرك وعبادة الأوثان رجزا لأنهما سبب الرجز.
وقال مجاهد وعكرمة: الرجز الأوثان، كما في قوله: {فاجْتنِبُوا الرِّجْس مِن الْأوثانِ} [الحج: 30]، وبه قال ابن زيد.
وقال إبراهيم النخعي: المأثم.
والهجر: الترك.
وقال قتادة: الرجز: إساف ونائلة، وهما صنمان كانا عند البيت.
وقال أبو العالية والربيع والكسائي: الرجز بالضم الوثن، وبالكسر العذاب.
وقال السدي: الرجز بالضم الوعيد. والأول أولى. اهـ.

.من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

.قال ابن المثنى:

سورة المدّثّر (74):
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ
{يا أيُّها الْمُدّثِّرُ (1)} مجازها: المتدثّر النائم الذي يتدثر ثوبه..
{لا تمْنُنْ تسْتكْثِرُ} (6) رفع يقول: لا تمنن مستكثرا صفة، ليس له هاهنا نهى..
{عسِيرٌ} (9) مثل عصيب وعصبصب..
{مالا ممْدُودا} (12) كثيرا..
{لِآياتِنا عنِيدا} (16) معاندا لآياتنا، كالبعير العنود وقال الحادي:
إذا نزلت فاجعلانى وسطا ** إنى كبير لا أطيق العنّدا

[325].
{عبس وبسر} (22) كرّه وجهه وقال توبة:
وقد رابنى منها صدود رأيته ** وإعراضها عن حاجتى وبسورها

[918].
{لواحةٌ لِلْبشرِ} (29) مغيّرة قال الحادي:
يا بنت عمّى لاحنى الهواجر

[919].
{واللّيْلِ إِذْ أدْبر} (33) إذ أدبر النهار فكان في آخره، يقال: دبرنى جاء خلفى وإذا أدبر إذا ولّى. قالت أم بنى زياد الرّبيع وقيس وعمارة وأنس لقيس ابن زهير وقد أخذ بخطام جملها ليذهب بها: أين ضلّ حلمك يا قيس واللّه لئن دبرت بي هذه الأكمة لا يكون بينك وبين بنى زياد صلح أبدا وحسبك من شرّ سماعه، فردها إلى موضعها وعرف ما فيها..
{حُمُرٌ مُسْتنْفِرةٌ} (50) مذعورة، مستنفرة نافرة.
{قسْورةٍ} (51) الأسد. اهـ.

.قال الشريف الرضي:

ومن السورة التي يذكر فيها المدثر عليه السلام:

.[المدثر: آية 4]:

{وثِيابك فطهِّرْ (4)}.
قوله سبحانه: {وثِيابك فطهِّرْ} [4] وهذه استعارة على بعض التأويلات، وهو أن تكون الثياب هاهنا كناية عن النفس أو عن الأفعال والأعمال الراجعة إلى النفس.
قال الشاعر:
ألا أبلغ أبا حفص رسولا ** فدى لك من أخى ثقة إزارى

قيل: أراد فدى لك نفسى. وكذلك قول الفرزدق:
سكّنت جروتها وقلت لها ** اصبري وشددت في ضيق المقام إزارى

أي شددت نفسى، وذمرت قلبى. والإزار والثياب يتقارب معناهما. وعلى هذا فسّروا قول امرئ القيس:
فسلىّ ثيابى من ثيابك تنسل

أي نفسى من نفسك، أو قلبي من قلبك.
ويقولون: فلان طاهر الثياب، أي طاهر النفس، أو طاهر الأفعال. فكأنه سبحانه قال: ونفسك فطهّر، أو أفعالك فطهّر.
وقد يجوز أن يكون للثياب هاهنا معنى آخر، وهو أن اللّه سبحانه سمّى الأزواج لباسا فقال تعالى: {هُنّ لِباسٌ لكُمْ وأنْتُمْ لِباسٌ لهُنّ} واللباس والثياب بمعنى واحد.
فكأنه سبحانه أمره أن يستطهر النساء. أي يختارهن طاهرات من دنس الكفر، ودرن العيب، لأنهن مظانّ الاستيلاد، ومضامّ الأولاد.

.[المدثر: آية 34]:

{والصُّبْحِ إِذا أسْفر (34)}.
وقوله سبحانه: {والصُّبْحِ إِذا أسْفر [34]} وهذه استعارة، والمراد بها انكشاف الصبح بعد استتاره، ووضوحه بعد التباسه، تشبيها بالرجل المسفر الذي قد حطّ لثامه، فظهرت مجالى وجهه، ومعالم صورته. اهـ.

.فصل في التفسير الموضوعي للسورة كاملة:

قال محمد الغزالي:
سورة المدثر:
الظاهر أن سورة المدثر نزلت قبل سورة المزمل، وقيل هي أول ما نزل من القرآن الكريم، وهذا غير صحيح، فهى أول ما نزل بعد انقطاع الوحى وتشوق الرسول إلى استقباله. وفى الآيات الأولى معالم للسيرة التي يستحبها الله من نبيه {يا أيها المدثر قم فأنذر}. أي خوف المشركين عقبى بقائهم على وثنيتهم. {وربك فكبر}. انسب إلى ذات الله كل مجد وجلال وسناء. وتكبير الله يفتتح به الأذان وسائر الصلوات ومعارك الجهاد، وهو شعار الإسلام. {وثيابك فطهر} المقصود الجسم والثياب معا، فالنظافة خلق الإسلام {والرجز فاهجر} تجنب القبائح كلها. {ولا تمنن تستكثر} أعط ولا تمن واقصد وجه ربك. {ولربك فاصبر} تحمل في ذات الله ما يصيبك! وبعد أن خوف المشركين بيوم الحساب، ذكر أحد كبرائهم الذين يقأومون الدعوة ويصفون الوحى بأنه سحر، وكان رجلا واسع الجاه والمال يلقب بالوحيد لمكانته المادية والأدبية. {ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا}. وتحقير هذا الرئيس يتنأول قن وراءه كلهم {سأصليه سقر وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر}. وهذا العدد إحصاء لملائكة العذاب المكلفين بتأديب الطغاة والضلال والفراعنة. ثم عاد النظم الكريم إلى أبرز ما في الحياة الدنيا، يذكر الليل وإدباره والصبح وإسفاره واختبار البشر بشتى التكاليف ليميز الخبيث من الطيب، فقال: {كلا والقمر والليل إذ أدبر والصبح إذا أسفر إنها لإحدى الكبر نذيرا للبشر لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر} والتقدم والتأخر مربوطان بالنشاط والعجز، وليست حظوظا عمياء، ولذلك قال بعدئذ:
{كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين}. أي أنكم حصدتم ما زرعتم والخطوات المعوجة لا توصل إلى ختام مستقيم {فما تنفعهم شفاعة الشافعين}. لكن لماذا لجأ المشركون إلى هذه المقأومة العنيدة؟ ونفروا من الإسلام هذا النفور البالغ؟ إنه الكبر! إن كل واحد منهم يريد أن ينزل إليه ملك يقول له أنا رسول الله إلى فلان ابن فلان كى يؤمن ويعرف خالقه! أما أن يختار الوحى محمدا يخصه بالرسالة فهذا مرفوض! {فما لهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة}!! ولا يزال إحساس الناس بأنفسهم سببا في غمط الحق وكراهية أهله! ماذا يفعل الأنبياء عند ذلك؟ حسبهم أن يذكروا بالله وآياته ونعمائه وحقوقه، فمن اهتدى نجا ومن غدر هلك {كلا إنه تذكرة فمن شاء ذكره}. ولا يعين الله إلا من أعان نفسه. اهـ.

.في رياض آيات السورة الكريمة:

.فصل في أسرار ترتيب السورة:

قال السيوطي:
سورة المدثر:
أقول هذه متآخية مع السورة التي قبلها في الافتتاح بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم، وصدر كليهما نازل في قصة واحدة وقد ذكر عن ابن عباس في ترتيب نزول السور: أن المدثر نزلت عقب المزمل أخرجه ابن الضريس وأخرجه غيره عن جابر بن زيد. اهـ.

.تفسير الآيات (1- 10):

قوله تعالى: {يا أيُّها الْمُدّثِّرُ (1) قُمْ فأنْذِرْ (2) وربّك فكبِّرْ (3) وثِيابك فطهِّرْ (4) والرُّجْز فاهْجُرْ (5) ولا تمْنُنْ تسْتكْثِرُ (6) ولِربِّك فاصْبِرْ (7) فإِذا نُقِر فِي النّاقُورِ (8) فذلِك يوْمئِذٍ يوْمٌ عسِيرٌ (9) على الْكافِرِين غيْرُ يسِيرٍ (10)}